لماذا يحبون أنشيلوتي أكثر من مورينيو وجوارديولا؟

أنشيلوتي وعلاقة طيبة واضحة

محمد عواد – سبورت 360 – في كل مكان مر به بيب جوارديولا وخصمه اللدود جوزيه مورينيو، خرج الاثنان صانعين قائمة من الأصدقاء وقائمة موازية من الأعداء، في حين أن كارلو أنشيلوتي يبدو الرجل المحبوب، الذي لم يتردد كريستانو وراموس بتحدي فلورنتينو بيريز حتى لا يقيله، وذلك بشكل صريح إعلامياً.

فما الذي يجعل أنشيلوتي رجلاً مميزاً بالنسبة للاعبين والإعلام بشكل يفوق غيره؟

أهل مكة أدرى بشعابها


بما أننا نتحدث بشكل خاص عن اللاعبين، فلا بد من قراءة عقول هؤلاء، وسماع ما يقولونه عن أنشيلوتي، للوقوف على ما يميزه بالنسبة لهم، كما سنحاول قراءة بعض أقوال أنشيلوتي لنفهم كيف يرى المسألة.

لذلك سيبدأ التقرير بالتركيز على أقوال بعض اللاعبين واضحة المعالم، ثم سنذهب لمناقشة بعض الأمور الأخرى.

أنشيلوتي والحرب مع كابيلو .. سر فلسفة أثبت بيب ومورينيو عكسها

في سيرة ذاتية نشرها أنشيلوتي بعد رحيله عن ميلان عام 2009، انتقد كابيلو بشكل صريح، الأمر الذي أشعل آنذاك حرباً كلامية بين الطرفين، خصوصاً أن فابيو كان مدرباً لإنجلترا وكارلو مدرباً جديداً في تشلسي.

يومها قال كارلو عن مدربه السابق في ميلان ” رائع في قراءة المباريات، لكنه لا يبني أي جسور للتواصل مع اللاعبين، إنه يخلق نوع من العزلة”.

ويضيف “لقد كان رجلاً جافاً، لا يقوم بإجراء نقاشات مع اللاعبين، ولا يحب أن يناقش معهم الأمور الفنية”.

نتخيل أنشيلوتي بناء على هذا الكلام رجل يقوم بعكس ما انتقد به كابيلو، أي أنه يبني جسور تواصل، يجري نقاشات غير كروية، ويسمح للاعبين ببعض الاقتراحات الفنية.

في حين أن تصريح جوزيه مورينيو “رونالدو يعتقد أنه يعرف كل شيء”، وقوله لأوزيل عندما لم يلتزم بالأوامر “لست زيدان”، وقصة تيري هنري مع جوارديولا حيث تم استبداله رغم تسجيله هدفاً لأنه قام بأمر غير متفق عليه، وقول الصحفي جيليم بالاج في كتابه عن بيب “هو يشعر بالإنزعاج لو جاء لاعب بحل فردي لم يقم بإخباره به”… يظهر أنهما لا يشبهانه من هذه الناحية.

في حين كان أنشيلوتي قد قال “علاقتي مع اللاعبين يجب أن تبقى طيبة، البعض يدعوها صداقة وأنا أدعوها احترام، أحب الضحك وتبادل النكات معهم، فالأذكياء يعرفون متى يجب أن يكونوا جادين”.

أما خضيرة فقال عنه عند تولي أنشيلوتي تدريب بايرن ميونخ “لديه قدرات تكتيكية مميزة، لكن الجانب الاعظم بقدراته يتمثل بعلاقته الإنسانية مع اللاعبين”.

عندما أراد شنايدر الموت لأجل مورينيو .. وأراد راموس موته !

لا يتوقف سيرجيو راموس عن مهاجمة جوزيه مورينيو حتى يومنا هذا، وكذلك يفعل بيبي وغيرهم من اللاعبين الموجودين في ريال مدريد.

كلهم كانوا ضمن كتيبة الروح القتالية حتى نهاية موسم 2011-2012، لكنهم انقلبوا عليه، بل ربما هو من قلبهم ضد نفسه !

أما في الإنتر، فلا يمكن نسيان مقولة شنايدر “مستعد للموت من أجل مورينيو”، والقصة كلها تتعلق بأنه أعطاه إجازة في جزء مهم من الموسم، عندما شعر بإرهاق اللاعب الهولندي.

كانت علاقة مورينيو مع اللاعبين دوماً هي سر نجاحه، لكنه فقد هذا الشيء بعد حرب الموسم الثالث المدريدي، فقد شيئاً من بريقه، بل ربما تغيرت المبادىء المؤمن بها لأنه اعتقد بتعرضه للخيانة.

أنشيلوتي لم يتغير، تحت الصعوبات وتحت الظروف المعقدة، لم يشتم أحداً، ولم يتهم أحداً بالخيانة، ولعل هذا ملخص لحقيقة أن هدوءه أهم أفكاره.

ندما يبكي عليك جاتوسو ويمدحك بيرلو .. ملك التوازن !

من المعلوم أن فلسفة كارلو أنشيلوتي الكروية بشكل عام تقوم على مفهوم التوازن، لكن يبدو أن هذا التوازن هو جزء من شخصيته.

واعترف جالياني عند رحيل أنشيلوتي عن ميلان، بأن جاتوسو اللاعب الحركي البدني العنيف بكى عليه، وشعر بإحباط لعدة أيام بعد ذلك، لأنه كان يحب كارلو كثيراً، رغم أن الاختلاف واضح جداً في الشخصيتين.

على الناحية الأخرى، كان بيرلو قد قال يوماً لصحيفة لاجازيتا ديلو سبورت “تغيير مركزي مع ميلان تحت قيادة أنشيلوتي صنع تاريخاً لي، كان كارلو بمثابة أبي الجديد ” ، أما رد أنشيلوتي عليه فكان قبل مباراة اليوفي والريال في نصف نهائي الأبطال بقوله “هو يعتبرني كأب له، وأنا أعتبره مثل أخ لي”.

شخصية هادئة مقابلة شخصية مجنونة، كلاهما اتفقا على حب أنشيلوتي، تماما كما هو الحال مع مودريتش وراموس، وهنا أذكر قول فيراتي “إنه مميز، يملك علاقة عظيمة مع كل اللاعبين”. (انتبه لكلمة كل)

في حين لو اتجهنا لبيب جوارديولا، لوجدنا أن بعض اللاعبين من أصحاب الشخصيات القوية الفارضة لم تستطع استيعابه أمثال زلاتان ويايا توري وحتى تصرفات الفيس رغم روعته كروياً، لم تكن خارج الملعب مرحب بها من بيب جوارديولا كما كشف كتاب “طريقة أخرى للفوز”.

أما جوزيه مورينيو فهو قائد عسكري يرحب بالجنود الراغبين بالقتال فقط، ويرفض التسويات والهدوء، ومن لا يلتقون مع شخصيته، وصراعه مع كاسياس لم يكن بسبب تسريب الأخبار، بقدر ما كان بسبب علاقته الطيبة مع بعض لاعبي برشلونة، كما أن علاقته لم تكن على ما يرام مع هازارد الهادىء، في حين بكى عليه ماتيرادزي، الأمر الذي يكشف جذبه لنوع واحد من البشر.

علاقته مع اللاعبين أهم من الرئيس رغم كل ما يقال عنه !

بشكل عام، هناك انطباع لدينا بأن كارلو أنشيلوتي هو “رجل يقول نعم” لكل شيء يطلبه الرئيسي، ولعل تعامله مع رؤساء أقوياء معروف عنهم بعض التدخلات أمثال أبراموفيتش والخليفي وبيرلسكوني وبيريز خلق هذا الانطباع.

عندما توترت الأجواء في ريال مدريد خلال الموسم الثاني، وخرج فلورنتينو بيريز بمؤتمره الصحفي التقليدي لدعم المدرب قبل إقالته لاحقاً؛ وهو أمر فعله مع كل من جوزيه ورافا وكارلو، كانت هناك مقابلة لافتة لأنشيلوتي مع لاجازيتا ديلو سبورت.

كلمات كارلو كان فيها وجهان؛ وجه يتحدث عن رحيل مورينيو، ووجه يتحدى فيه الرئيس كما يبدو لعلمه بأن أيامه باتت معدودة، حيث قال “العلاقة مع اللاعبين أهم من العلاقة مع الرئيس، لو كانت علاقتك معهم سيئة فأنت رجل ميت”.

وفي كتاب أنشيلوتي الجديد، خرج كريستانو رونالدو ليتحدث عن كارلو بنفسه، أي أنه كتب الصفحات الخاصة به بدلاً من أن يكتبها صاحب السيرة الذاتية، وهو رجل معروف عنه الصراحة، وكلماته التالية ستدخله بشكل أو بأخر ببعض التوتر مع فلورنتينو بيريز.

جاء على لسان رونالدو “لقد حمانا كارلو من الرئيس، هذا أعاد الهدوء لغرفة تغيير الملابس، أعرف ما يقوله الناس، لكنني رأيت بنفسي كيف يرفض الضغوط من أي أحد، ويقرر ما يراه مناسباً ويتحمل مسؤولية القرار .. لذلك كنت أحبه وأحترمه”.

يجعل الأمور بسيطة .. لا يشعرهم بالرعب

خرجت تصريحات من لوكا مودريتش عن سهولة اللعب تحت قيادة كارلو أنشيلوتي، في حين كان فيراتي تحدث عن نفس الأمر، بأنه استطاع الإنسجام معه وعمره 18 عاماً.

أما ريبيري فقال مثلاً عن جوارديولا “إنه يجعل الأمور صعبة”، وتوماس مولر فقال ما معناه “الحياة أسهل من ذلك”، في حين أكد زلاتان أنه لم يكن يفهم العديد من الادوار التي توكل إليه.

جوزيه مورينيو، معروف عنه الغضب من الأمور الصغيرة، عاقب بيدرو ليون بشدة بسبب تنفيذ ركلة ثابتة بطريقة مختلفة، وانتقد عدة لاعبين علانية.

ويقول رونالدو عن أنشيلوتي “عندما تسوء الأمور، يغير لاعباً واحداً فقط فتبدو الأفضل، إنه لا يحتاج لعمل فوضى من أجل إصلاح الوضع”، في حين لم يعرف تاريخ كارلو كله معاقبة لاعب بسبب تصرف، بل كان مدرب جون تيري في قضية الخيانة الشهيرة، واستطاع حمايته كما يجب رغم اتفاق العالم كله على سوء تصرفه.

تبسيط الأمور، يخلق أجواء إيجابية، يقلل عدد المتذمرين، ويجعل الذكرى طيبة، ويقلل النقاط التي يمكن خلق مشاكل داخلية تتحول إلى فوضى فحرب فكراهية ثم إقالة.

الإعلام يتأثر باللاعبين
عندما كانت علاقة جوزيه مورينيو طيبة مع لاعبي ريال مدريد، كان الإعلام المدريدي على وشك وضع تمثال له أمام مكاتبهم، لكن ما إن ساءت العلاقة داخلياً، حتى ساءت العلاقة إعلامياً.

نفس الأمر ينطبق على جوارديولا في بايرن ميونخ، لم تكن علاقته ممتازة بكل اللاعبين، فكان الإعلام الألماني غير مرحب به.

كارلو أنشيلوتي وعندما شعرنا بقرب إقالته، كان الإعلام آنذاك أمثال صحيفة ماركا وآس من المروجين لفكرة رحيله، ويحاولون إقناع الجماهير بها، ولكن ما إن خرج رونالدو وراموس وباقي اللاعبين برسائل الدعم على شبكات التواصل .. حتى تغير موقف الإعلام مباشرة.

أنشيلوتي يفهم جيداً قوله “لو خسرت علاقتك مع اللاعبين فأنت رجل ميت”، فقد كان لاعباً مميزاً من قبل!

الملخص .. أنشيلوتي يسير على المثل العربي

بإختصار، أستطيع القول إن أنشيلوتي يسير بذكاء على مثل عربي يقول “عامل الناس كما تحب أن يعاملوك”.

هو كان لاعب كرة قدم، ويتخيل نفسه كيف يحب أن يتم التعامل معه، وما الذي كان يزعجه ويزعج من حوله، وما الذي كان يرضيهم، ويطبق كل هذا الأمر بحذافيره.

هو كموظف تدرج وأصبح مديراً، فطبق كل ما كان يتمناه من مديره، بدلاً من أن يطبق ما كان مديره يفعله، وهذه مسألة يعرف الموظفون أنها نادرة بشكل عام.

بساطة، وعلاقة شخصية طيبة، وتوازن بالشخصية، والسماح للاعبين بإبداء الرأي، واهتمام بالجميع، هي أسرار جعلت أنشيلوتي الرجل الطيب، الذي أحبه معظم من عملوا معه، وكان نادراً إيجاد من ينتقده.

أهم من كل ما سبق، أنه ثابت على أسلوبه، لا يتغير تحت الضغوط، ولا تهز ذوابته الصدامات والخلافات.

تابع الكاتب على شبكات التواصل الإجتماعي:

 



سناب شات : m-awaad

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *