ماذا يحدث للأندية الألمانية ؟

بدأ الموسم بتراجع ترتيب الدوري الألماني في التصنيف الرسمي الأوروبي إلى الثالث، ومن الوارد جداً أن يتقدم الإيطالي ليكون بدلاً منه خلال فترة قصيرة قادمة، أي أنهم سيعودوا إلى التصنيف الرابع أوروبياً، الذي كانوا فيه قبل عدة سنوات.


يوم أمس، انتهت أخر الحصون الألمانية ضد الأندية الإسبانية، فبعد أن أنهى ريال مدريد تفوق بايرن ميونخ في المواجهات التاريخية سابقاً، أنهى يوم أمس عقدة ملعب بروسيا دورتموند، وهزمه 3-1.

بعض محبي الكرة الألمانية، قد يلجأوا لتبرير كل شيء بالتحكيم، لكن المنطقيين منهم وهم الغالبية، يشعرون بأن هناك شيء من التراجع، فيكفي أن نرى بايرن ميونخ يخرج 4 مرات متتالية على يد نادي من اسبانيا، وغياب النتائج الألمانية القوية في الدوري الأوروبي أيضاً تشير إلى شيء ما في السنوات الأخيرة على مستوى الأندية المتوسطة.

اتهام بايرن ميونخ بتحطيم كل شيء أمر غير منطقي، فتشكيلة الفريق الحالية تضم 4 لاعبين فقط ممن تم شراؤهم من أندية المانية في أخر 3 فترات انتقالات، وبالتأكيد نقل 4 لاعبين لن يحطم كل الأندية !

مجرد قصة لايبزج الموسم الماضي، الذي جاء لأول مرة إلى الدرجة الأولى، ليتفوق في الترتيب على فرق كبرى، يكشف أن هناك تراجعاً في الأندية الأخرى وقوة شخصيتها، فهو لم يتفوق فحسب، بل تفوق منذ البداية من دون مقاومة.

فيما يلي بعض أسباب أعيد لها ما جرى مع الدوري الذي أحبه وأستمتع في كل مبارياته:

* هوس بالشباب !
يفتخر مسؤولو البوندسليجا أنهم يملكون أصغر متوسط أعمار لاعبين في دوري ضمن الدوريات الكبرى الأوروبية، ولعل كمية المواهب الصاعدة التي نجدها في أندية مثل ليفركوزن ولايبزج وهوفينهايم ودورتموند وشالكه تؤكد ذلك، الأمر يبدو مفيداً لتوفير مخزون مواهب للمنتخب، فمثلاً رحل ساني صغيراً إلى مانشستر سيتي ويزداد حدة الآن كلاعب كرة قدم مؤهل لتمثيل المنتخب.

لكن هذا الهوس بالشباب، ينتج عنه فرق قليلة الخبرة، تفتقر للمكر الكروي، وتحتاج وقتاً لتصل إلى أعلى مستوياتها واستقراره، مما ينعكس على أداء الأندية، لكن قد يكون مفيد تجارياً للاستمرارية، وكلمة “استمرارية” هي قانون مقدس في الفلسفة الإدارية الألمانية.

هذا الهوس بالشباب، انتقل مؤخراً إلى المدربين، جاء بنتائج إيجابية، لكن لا نعرف نتائجه على المدى الطويل.

* انتقال سريع في الفلسفة
من يحبون الكرة الألمانية، عشقوا حالتها المتوسطة بين الهجوم والدفاع، فهم ليسوا ايطاليا ولا البرازيل، بل دمج بينهما، حيث المهارة والتقنية والتكتيك والدفاع والهجوم، يستطيعون اللعب على نحو سريع وأخر بطيء.

جوارديولا “هوس” الناس فعلاً، فقد أعاد للكرة الشاملة والضغط العالي وما غير ذلك من تفاصيل هيبتها، بل إن بيلسا بات رمزاً بسبب بيب وتصريحاته عنه، أكثر من كونه صاحب نظريات مهمة في كرة القدم.

بدأت كثير من الأندية الألمانية تحاول تبني فلسفات لا تستطيع تطبيقها، أكثر هجومية وأقل انضباطاً وتوازناً، ومن نتائج أي انتقال سريع اهتزاز التوازن، وهذه المرحلة التي نعيشها فيها افتقاد للتوازن.

* منع الاستثمارات
في 2009، حاول رئيس نادي هانوفر مارتن كيند الدخول في معركة قضائية تغير القانون الألماني الكروي الذي يمنع امتلاك نادي بشكل كامل، إلا في شروط معقدة وتحتاج لسنوات ليتم تفعيلها.

في 2017، تجد في صفوف أندية ميلانو، كل من بيرسيتش وريكاردو رودريجيز “فولفسبورج” وتشالهان أوجلو “ليفركوزن” بأموال صينية، وهذا مثال يمكن رؤيته أكبر عند توسيع النظرة لكافة الأندية، أي بأموال استثمارات جديدة، يتم شراء لاعبين مؤثرين من الدوري الالماني.

تغيرت كرة القدم كثيراً، وبعض القوانين يجب أن تتغير لتواكب الحدث، صحيح نجا الألمان بفضل قوانينهم من فترة سقوط الأندية مالياً قبل بضعة سنوات، لكن مع قانون اللعب المالي النظيف، وزيادة حجم اقتصاد اللعبة، وبالنسبة لدولة باقتصاد رائع مثل المانيا، وتاريخ كروي كبير، فإن الاستثمارات مغرية ومهمة.

باختصار، لاعب مثل نيمار، وأخر مثل كافاني، (من دون ركلات جزاء)، كان يمكن أن نراهم الآن في المانيا وليس في فرنسا، لو كانت القوانين بمرونة قوانين الدوري الفرنسي.

* سقوط أصحاب التاريخ
هامبورج ، شتوتجارت ، انتراخت فرانكفورت وشالكه، كلها أندية بتاريخ كبير، وشخصية قوية، وقاعدة جماهيرية ممتازة، لكن بإدارات سيئة، طبعاً يختلف السوء والأخطاء من نادٍ إلى آخر، لكن النتيجة واحدة، غياب الأندية القادرة على خلق منافسة طويلة الأمد، وليس مجرد موسم جيد ثم تختفي.

ما يجعل البطولة ممتعة وجاذبة ليس النادي البطل، بل الأندية التي تحتل المراكز 2-8، وهي التي تستطيع أن تهزمه في مباريات ولو لم تكسب اللقب، بالتالي هيمنة بايرن ميونخ ليست المشكلة، بل رؤيته يهزم فرقاً مثل بريمن وهامبورج بخماسيات وسداسيات هي المشكلة، والعيب فيهم لضفعهم، فمن حقه أن يكون قوياً.

* بايرن سيبقى استثناء
صحيح لا تبدو انطلاقة موسم بايرن ميونخ مثالية، لكن البافاري سيبقى استثناء في الفترة الحالية، فهو وصل لحد من القوة الشرائية والخبرة بالإدارة، تجعله قادراً على التعامل مع تراجع المحيط الألماني، حيث نظرته باتت دولية.

بالتالي، ذهاب بايرن ميونخ للفوز بدوري الأبطال هذا الموسم أو الذي يليه، لا يعني أن الحال قد تحسن، كما أن تألق نادٍ واحد في اليوروبا ليج لا يعني شيئاً، ما دامت المنظومة كلها تمر بحالة من فقدان التوازن.

مختصر مفيد .. إلى متى ؟
التسرع في التحول إلى نموذج الشباب الذي يبدو مغرياً مالياً واستراتيجياً، والتسرع في التحول بفلسفة الكرة في كثير من الأندية، وعدم تحديث القوانين، وتأخر بعض الإدارات باستيعاب ما يجري، ساهم بتراجع البوندسليجا حالياً.

من 4 أسباب ذكرتها، يمكن استيعاب اثنين في الفترة القريبة، فالهوس بالشباب سيعود إلى وعيه، وتغيير الفلسفة سيتم اعتياده، لكن تبقى مسألة الاستثمارات مقلقة، وتحتاج وقتاً لإعادة خلق نموذج تجاري محلي قابل للتنافس مع نموذج أوروبي أكثر جرأة يتم تطبيقه في دوريات كبرى، كما أن النقطة الرابعة حول الأندية الكبرىن، تنتظر عودة هذه الأسماء، أو خلق أسماء جديدة تبدو تقليدية على الأقل، وهي مسألة تحتاج وقتاً أيضاً.

بالتالي، يمكن القول إن التحسن سيعود للأداء بشكل عام والتنافس محلياً وأوروبياً خلال عامين، لكن الاستقرار قد يحتاج وقتاً أطول لاحتواء العيوب المذكورة.







روابط مهمة:






تابع الكاتب :

سناب شات : m-awaad






One thought on “ماذا يحدث للأندية الألمانية ؟

  1. مقال جميل ومفيد .كيف يمكننا الكتابة او ارسال مقالات لنشرها عن طريق المدونة ولك الشكر كابتن

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *