مقال الاثنين .. أفكار أمريكية “احتكارية” في كرة القدم




محمد عواد – في 2019، جاء في مقال نشرته مجلة فوربس “تزداد قوة الاحتكار انتشاراً في أمريكا، جزء كبير من اقتصادنا يملكه عدد قليل من شركات لا يمكن منافستها”، وهذا الانتشار الاحتكاري يبدو أنه تسرب لعقلية المستثمرين الأمريكيين في كرة القدم.
قبل فترة، قاد ليفربول ومان يونايتد بملاكه الأمريكيين مشروع الصورة الكبيرة في الدوري الإنجليزي، المشروع الذي تم رفضه ودفع سياسيين للتدخل، ووسائل الإعلام الإنجليزية لتقف ضده علانية، وهو قانون قائم على منح الكبار والأثرياء في البريميرليغ سلطة أكبر، تمكنهم من توسعة الفجوة مع الآخرين.
ما إن تم رفض المشروع، حتى تسرب للإعلام سعي أطراف لفكرة “دوري البريميرليغ الأوروبي”، وهي بطولة دوري تضم أقوى فرق أوروبا، وقد لا يكون فيها أي هبوط أو نظام تأهل، أي أنها بطولة مغلقة تماماً على طريقة البطولات الأمريكية بشكل عام، وهناك كلام أن الأمريكان يقفون خلفها أيضاً.
المشروع الأول تم رفضه، والفكرة الثانية لم تجد دعماً رسمياً لها، وعلى الملاك الأمريكيين أن يفهموا أن لعبتنا ليست بيسبول ولا كرة قدم أمريكية، فقوتها في شعبيتها، وسرها بعنصر مفاجأتها بمشاهدة سبال يهزم يوفنتوس على سبيل المثال، في حين ليس هناك مفاجأة بفوز كبير على آخر.
محاولة عزل الأندية المستمرة بأفكار مختلفة عن محيطها الوطني أمر خطير للغاية، فهي تعزلها عن تاريخها، فكيف يمكن أن تشجع برشلونة ولا تعترف بانتمائه الكتلوني؟، أو كيف يمكن لبلباو التفاخر بانتمائه الباسكي؟، وأنت تريد منهم الانتماء لشركة كبيرة تضم في عضويتها عدداً كبيراً من الأندية.
سيواصل المستثمرون القادمون من أمريكا محاولاتهم، وسوف يزداد عددهم بشكل ملحوظ بعد انتهاء جائحة كورونا لسهولة حصولهم على تمويل في بلادهم، لكن عليهم أن يعرفوا أن هناك فرق بين “تحويل كرة القدم إلى صناعة”، وتحويل “كرة القدم إلى شركة”!.
فالمصطلح الأول يعني خلق فرص استثمارية ومالية حول اللعبة، والثاني يعني تحويل اللعبة ذاتها إلى استثمار، وهذا يعني خسارة جزء كبير من شعبيتها مع مرور السنين.
وأضيف أيضاً أن الأندية يجب أن تتحول لشركات محكومة بالقوانين والإجراءات الضابطة لتصرفاتها لمنع الفساد والمخالفات، لكن يجب ألا تتحول كرة القدم ذاتها لشركة تبحث عن ربحها، لأن هذا سيوصلنا في النهاية إلى عدد لاعبين أقل، وبالتالي مواهب أقل، وتكرار ممل .. فالشركات بطابعها مملة!
بالنهاية أتمنى أن تفشل كل محاولات إخراج الأندية من انتمائها لبطولاتها المحلية، فهي وقود قوة البطولات القارية، وهي مصنع تطوير المواهب ومنحها الفرص، وأتمنى ألا تكون النتيجة الحتمية لعبة محتكرة على عدد من الأندية المنافسة نسمع اسمها بتكرار كما يحدث في رياضات أمريكا الشعبية.

تابع الكاتب في شبكات التواصل :

انستاجرام : @mohammedawaad




Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *