عندما تكون كرة القدم…وجبة غذاء الطفولة !


حازم ملحم – قبل البداية بصلب الموضوع اريد منك التركيز على الشيء التالي والذي اريد قوله وهو شخصياً عندما تطرق على باب ذهني فكرة وتريد الدخول ، دائماً ارحب بها وأحاول دائماً ان احولها لمادة او ملموسة لأشاركها معكم جميعاً ، وهذه الفكرة إما ان تكون وليدة تفكير طويل أو وليدة موقف أو لحظة حصل أمام عيني على الواقع.
من يوم قريب وليس بعيد كنت بمباراة مع اصدقائي بملعب خماسي وحين انتهائنا من المباراة مررت بجانب ملعب صغير خماسي اخر محجوز من فتية بعمر الثمان سنوات كمتوسط أعمار لهم ،  بوقت مروري من جانب الملعب توقفت ورأيت الاولاد الصغار ” بدون مدرب” وما أعنيه بدون مدرب أنهم يقومون بالتصرف بطريقة فطرية بعيدة جداً عن الأكادمية وأنا بالتأكيد اعلم الشكل الاكاديمي عن الشكل الفطري ، مثلاً عند تنفيذ فريق منهم للركنية لاعب معين يقوم بالصراخ على رفاقه للتمركز بشكل جيد يقوم بدفع احدهم للتقدم خطوتين ليقوم بتمركز إستباقي على لاعب الخصم ، أو عندما يقوم الحارس بتمرير الكرة لأحد لاعبي الدفاع لبدأ الهجمة يتحرك اثنين من اللاعبين على الرواقين الأيمن والأيسر لإستلام أي كرة طولية من قلب الدفاع او الحارس ، بل أنهم يقومون بضرب هذه المساحة الخالية  بهذا الشكل بطريقة فطرية ” حدسهم ” أخبرهم بذلك ، وهذا على سبيل المثال لا الحصر أبداً…
مثال أخر رأيته ، هي عندما يقوم لاعب من الخصم بالتوغل على الجهة اليمنى بعد تخطيه للاعب الفريق الايمن يقوم لاعب من الفريق المُدافع بمراقبة اللاعب القادم من العمق مراقبة لصيقة لمنعه أو ازعاجه عند استلام الكرة من اللاعب المتوغل من اليمين…الكثير من هذه الأمور كانوا يقومون بها بدون أن يعلموا بشكل نسبي ماذا تعني هذه التصرفات  بعلم كرة القدم فهم  يقومون بها كواجب  كهدف للدفاع عن الفريق أو للهجوم من أجله.
إنتهى القسم الأول من مقالي وهو القسم الذي اردت به أن اقوم بذكر هذا المثال الذي عشناه جميعاً ونحن بعمر الطفولة ، من دون أن نعلم ماهية هذه التصرفات ، وكانت  بصراحة إيجابية جداً.
في أحد مقابلاته ذكر العراب مارشيلو بييلسا تمرين الجدار أو ما يسمى ” La pared ” وهو التمرين الذي يقوم بإستخدامه معظم مدربي العالم ، ويقوم تدريب الجدار على فكرة وجود لاعب على خط طرف الملعب ينتظر الكرة من زميله وعندما يقوم زميله بتمرير الكرة له في ظل وجود لاعب من الخصم بينهم يركض ممرر الكرة بعد تمريرها في ظهر الخصم ويقوم اللاعب الموجود على طرف الملعب بالتمرير بالمساحة التي هي بظهر الخصم لكي يعود وليستلمها المُمرر الأول بتلك المساحة بشكل مريح ، الأمر ليس محصور بالتواجد على طرف الملعب لكنه يدخل تلقائياً بعدها بذهن اللاعبين ويصبح ضمن تصرفات ذهنية تلقائية لخلق مواقف 2 ضد واحد ولخلق تلك المساحة وتلك التمريرة بشكل بديهي… سأقوم بشرح هذا التمرين  بصورة بالتعليق الثاني.
وذكرت تمرين الجدار ” Lapared ” أننا كنا نقوم به بدون ان نعلم معناه بشكل رسمي عندما كنا نمرر لجدار المدرسة الإسفلتي ونسبق الكرة لنعيد استلامها بظهر خصمنا  وهذا الجدار في التمرين يعد الزميل بشكل مجسد.
مثال أخر وهو الان أحد اشكال الدّفاع للفرق  وأحد اشكال الدفاع التي يستخدمها المدرب لتمرين فريقه على الدفاع ككتلة واحدة ضد ولإيقاف الفريق المنافس من خلق مواقف تفوق عددي كمواقف ال2 ضد واحد ، أو ال3 ضد 2 وهكذا ، واحد هذه التمارين هو تمرين
( السرب ) عندما يتحرك الفريق كسرب واحد وكتلة واحدة بدون كرة ليراقبوا الخصم  المقابل لهم وعندما يكون الخصم مستحوذ على الكرة ويحاول الإختراق حيث يقوم المدرب بالتدريبات بالسماح لفريقه بالجري بشكل عرضي في الملعب ب 22 لاعب كل لاعب يجاوره لاعب وهو زميله ، ويلاحقه كظله وهو نوع من انواع الرقابة الوقائية بدون كرة ، بعد هذا التمرين تدخل عملية الدفاع بدون كرة باللاوعي الخاص باللاعبين ويصبحون ضمن المباريات يدافعون بدون كرة بشكل وقائي بمراقبة الخصم….يستخدم هذا التمرين بشكل مكثف دييجو سيميوني في تدريباته مع اتلتيكو مدريد.
تمرين السرب هو نفس الشيء الذي كنا نقوم به كفريق من الاطفال يدافعون بدون كرة بمراقبتنا للطفل الذي هو بالفريق الخصم بجوارنا ، لكننا لم نكن نعلم أنه تمرين أكاديمي بحت ومميز.
كل هذه الامثلة التي ذكرتها هي لكي أتمنى امنية واتمنى ان تكون حصلت وانا لا اعلم أنها حصلت ، امنيتي هي ان اي مدرب او اكاديمي قبل أن يقوم بتدريب الأطفال بطريقة أكاديمية علمية بحتة هي أن يسمح لأطفاله الذين هم لاعبيه بان يلعبوا بفطرتهم امام عينيه دون ان يخبرهم بشيء ، مباراة واحدة ، مبارتين ، ثلاث مباريات ، وبعدها يقوم باستخلاص أفضل ما لديهم بما يفيد الفريق بشكل عام ، ينتقي افصل خصالهم ، اللاعب المهاري مثلاً ينتقيه بحذر ويعلمه كيف يقوم بإستخدام تفوقه الفني وهو ” المرواغة والمهارة ” بما يفيد الفريق جماعياً ، اللاعب الجيد بقطع الكرات وقراءة اللعب بالفطرة كمثال اخر ، يقوم بمساعدته ليقوم بقطع كرات أكثر ويملي عليه ماهي وظائفه على عذب الملعب ، اللاعب الجيد بفطرته بضرب المساحة وطلب الكرة بها بفطرته الكروية ، يقوم بتعليمه التوقيت الممتاز لطلب الكرة بهذه المساحة.
طلبت هذه الأمنية وأنا اعلم انها تحصل والكثير من المدربين كانو السباقين بتطبيقها قبل ان اذكرها ، لكن أتمنى ان تتوسع وتطبق أكثر خاصةً بقطاع الناشئين ضمن الأكادميات.
كل الكلام الذي ذكرته فوق عن التمارين هو يفضي إلى شيء واحد ، أن كرة القدم يرويها الشارع ، كل لاعب موهوب فنياً بخاصية معينة كان يقوم بها بالشارع والحي مع رفاقه ومن تشاطر معهم كرة واحدة ، والمدرب الجيد هو من لاحظ به هذه الخاصية وطوّره معها لكي يصبح من لاعبي الصفوة وفي افضل الفرق عالمياً…ولكي يعود بالفائدة الجماعية لفريقه.
في النهاية مهما حاولنا أن نجعلها شيء رسمي وتجارة إمتاع للبشر ، هي شيء فطري بسيط وليد حاراتنا وشوارعنا وملاعب مدارسنا وأزقتنا أيضاً وكما قال زيدنيك زيمان ” كرة القدم هي الأكثر شعبية على الإطلاق ليس بسبب الأعمال التجارية الضخمة لكن لان في كل زاوية من هذا العالم هناك طفل يركل الكرة ” 
ربما كان كلام زيمان دفاعاً فقط عن شعبية اللعبة ببساطتها وضد تجارة الأموال الذي يعكر صفوها ، لكن في هذا التصريح شيء عظيم وهو الشي الذي يؤكد على كل كلامي في الأعلى.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *