المزاج في كرة القدم !


كتب محمد عواد – يظهر مانشستر سيتي مع جوارديولا كأنه فريق مبرمج تحت السيطرة المطلقة لمدربه في البطولات المحلية، لكن هذه الحالة تختلف تماماً عندما تأتي مباريات مصيرية في أوروبا، فيظهر أن هناك خلل في البرمجة، ناتج عن توتر الرغبة بتحقيق شيء هناك.

وفي موسم 2014-2015 كان ريال مدريد يعيش في حالة خيالية مبهرة من الانتصارات المتتالية، قرأت عنواناً وقتها لمقال “إنهم خطر على مستقبل كرة القدم”، وكان المقصود فيه أنهم غير قابلين للخسارة، لكن ما إن لم يمرر جاريث بيل الكرة أمام فالنسيا، فخسر الفريق، انتشر التوتر، فانهارت النتائج، وأصبح الموسم صفرياً، فتمت إقالة كارلو أنشيلوتي.


مانشستر يونايتد مر بنفس الحالة، مع مورينيو ومشاكله مع اللاعبين انهار الفريق الذي كان قد احتل المركز الثاني في الموسم الماضي وهزم كل الفرق الكبرى محلياً، ثم جاء سولشاير بعصا سحرية رائعة، كل شيء تحسن، فبدأت خلافات تتعلق بتجديد عقد دي خيا، وكذلك بحلم بوجبا المدريدي، انهارت النتائج بعدها، ووصلت لحد السقوط برباعية مؤلمة أمام إيفرتون يوم أمس.

مورينيو مثال مهم أيضاً، فثلاث مرات قاد نفس الفريق إلى القمة ثم إلى شفا الانهيار بعد التوتر، مع ريال مدريد حقق لقب الدوري وكاد يحقق الأبطال لولا الترجيح، والموسم التالي كان مخيباً نوعاً ما، أما في تشلسي فكاد يهبط بعد الفوز باللقب، ومع مان يونايتد اعترف باستحالة التأهل إلى الأبطال وهو في مرحلة الذهاب!

وتحدث سيرجيو راموس قبل إقالة لوبوتيجي بأيام “التكتيك ليس كل شيء”، في حين كرر أكثر من مدرب نفس التصريح “ما تشاهدونه في أرض الملعب من تكتيكات يؤثر بـ 25% من النتيجة والباقي في عقول اللاعبين”، وهو كلام يخالف رغبة عشاق التكتيك وتفاصيله، لكن يوافقه أن مدربين عظماء تكتيكياً فشلوا بتحقيق ألقاب منذ سنوات طويلة، في حين مدربين أقل منهم من حيث الابتكار ينجحون بشكل مبهر.

انظر لما حصل مع ساري من صاحب أرقام قياسية في تشلسي إلى مدرب يرفض حارسه الاستبدال أمام الجميع، وانظر لما حصل في موسم ثلاثية لويس انريكي أثناء خلافاته مع ليونيل ميسي وبعد حلها،فتحول من مدرب على شفا الإقالة لبطل تاريخي، منها تفهم جيداً أن المزاج بات مسيطراً بشكل كبير على اللعبة، وأن هذا الجيل الجديد من اللاعبين أقوى من حيث التأثير في غرف تغيير الملابس، كما أنهم أكثر حساسية نفسياً!

يقول الطبيب النفسي تيم أوبريان الذي عمل مع آرسنال لسنوات “انظر بعقل لاعب بعد مباراة كاملة، وصدقني ستجد أموراً معقدة للغاية هناك”.. ويضيف “في الملعب المسألة مثل الحياة تماماً، عندما يتحول الضغط إلى توتر، تبدأ بالاقتناع أنك مرهق وغير قادر على الكفاح ولا تملك الطاقة الكافية لتحقيق ما تريد بسبب التوتر، وكل شيء خطأ يبدأ بالحصول لك”.

في 5 سنوات شاهدنا العديد من الحالات التي توضح أهمية الحالة النفسية والذهنية للاعبين في النتائج، وكيف أنها تؤثر بشكل أكبر ربما من أفكار المدربين في الملعب، وبالتالي فإن التطور الطبيعي للأمور، أن تبدأ الأندية بالاستثمار هناك بمبالغ مالية أكبر، تماماً مثلما تفعل حالياً مع الفرق الطبية والبدنية أو الكشف عن اللاعبين، سواء كان هذا الاستثمار بتعيين أخصائيين نفسيين وربما اجتماعيين أيضاً، أو بجلب أسماء مهمة للعمل في أروقة النادي تحرص على خلق أجواء الهدوء والإيجابية لاستعادة السيطرة مع كل اهتزاز أو توتر، مثلما كان دور زيدان مساعداً لأنشيلوتي في العاشرة، أو كدور أبيدال الحالي مع برشلونة، ونيدفيد في يوفنتوس.

تابع الكاتب في شبكات التواصل :

انستاجرام : @mohammedawaad





Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *