دوري أبطال أوروبا بدأ كمخاطرة… ولكن لماذا “السوبرليغ” مختلف؟


محمد بلقاسم – في ديسمبر 1934 أطلق غابرييل هانو مقترحا على صحيفة “Le Miroir des sports” الفرنسية يفيد بدعوة ناديين أجنبيين للعب في بطولة أخرى، ودعا قراء الصحيفة لتقديم مقترحاتهم وآرائهم، فكان الجواب الأكثر جاذبية من رئيس “راسينغ باريس” جون بيرنارد ليفي الذي وصف الإقتراح بأنه غير عملي ولكن بالمناسبة، إقترح بطولة أوروبية يشارك فيها 16 ناديا من 16 بلدا مختلفا، وهو ما سيكوّن حدثاً فخماً من الناحيتين الرياضية والإقتصادية. 
بعد عقدين من الزمن، وتحديدا في ديسمبر 1954 كان غابرييل هانو لا يزال محتفظاً بفكرة بيرنارد ليفي المتوفى في الحرب العالمية الثانية، حيث رد على “دايلي مايل” التي أعلنت وولفرهامبتون بطلا للعالم بعد الفوز بعدة مواجهات دولية، وكتب مقالاً على “ليكيب” قال فيه: “قبل أن نعلن أن وولفرهامبتون لا يقهر، دعهم يذهبون إلى موسكو وبودابست، وأيضا هناك أندية مشهورة دولياً مثل ميلان وريال مدريد ويجب إطلاق فكرة بطولة العالم للأندية أو على الأقل بطولة أوروبية أكثر أهمية من كأس ميتروبا (كأس أوروبا الوسطى)، دعونا نجازف بمثل هذه المخاطرة”.
بعد هذه الفكرة تم اقتراح التفاصيل الدقيقة للكأس الأوروبية الجديدة من طرف جاك دي ريسويك رئيس قسم كرة القدم في “ليكيب”، فأكد أن المباريات تلعب في منتصف الأسبوع مع رعاية من التلفزيون الدولي، وتلعب بـ 12 إلى 14 فريقا وكل بلد يكون ممثلا بفريق واحد، وبحلول يوليو 1955 بدأت عملية الترويج لإقناع الإتحاديات المحلية بإرسال الأندية البطلة، وبنظرة خاطفة على الوقت الراهن نجد أن الترويج أو الشرح الجيد لـ “السوبر ليغ الأوروبي” هو ما كان ينقص الأندية المؤسسة باعتراف فلورنتينو بيريز، ولذلك فشل المشروع قبل أن ينطلق أصلا. 
الترويج لدوري الأبطال لم يكن سهلا، فكل فكرة جديدة هناك مخاوف، ولكن الظروف كانت تختلف وقتها، فلا وجود لمنافسة من هذا النوع سنة 1955، ولذلك لم يكن هناك أي ارتباط عاطفي بأي بطولة كما هو الأمر الآن مع “ذات الأذنين”، ولذلك وصف الألمان فكرة “هانو” بـ”الجيدة”، وقال سانتياغو بيرنابيو للأوروبيين: “مرحبا بكم في ملاعب بسعة 100 ألف متفرج”، وفيما دعمت وزارة الرياضة المجرية الفكرة، ودعا رئيس أندرلخت للإطلاق الفوري للمسابقة، ليبدأ العمل الجدي من المنظمين، فاختارت “ليكيب” 16 فريقا أوروبيا دون حضور إنجليزي، فالإتحاد الإنجليزي منع تشيلسي من اللعب واصفا البطولة الجديدة آنذاك بأنها مجرد “إلهاء وتسلية” ويجب التركيز فقط على الدوري المحلي.
ولكن بعد نجاح النسخة الأولى تغير الوضع ودخلت إنجلترا ممثلة بمانشستر يونايتد بجانب 5 دول أخرى في النسخة الثانية، لتبدأ الرحلة الممتعة بفكرة، والآن هي المنافسة الأكثر شعبية في العالم وباتت بدورها تقاوم لرفض أي فكرة قد تتسبب في تحطيمها.
الفرق اليوم أن “السوبر ليغ الأوروبي” لا يعتبر أول مسابقة تجمع الأندية الأوروبية، بل جاء ليزيل مسابقة وقع العالم في غرامها ولأسباب اقتصادية بحتة، أسباب تبدو منطقية للغاية من منظور محايد، فالأندية الكبيرة هي ملح ليالي الأبطال، وللإحساس بذلك ولو بعد 30 عاما بالتقريب، يمكن الرجوع إلى نسخة 1992 التي غاب فيها كل الكبار عدا برشلونة، هذا الأخير كان وقتها يبحث عن أول لقب، وحتما لن ترغب في مشاهدة أي لقاء، عكس ما هو الحال مع نسخة أخرى أكثر نجاحا كنسخة 1999 الرهيبة، ولذلك فمن المنطقي أن تدافع الأندية الصغيرة عن آمالها، ومن الطبيعي أن تطالب الأندية العملاقة بأرباح أكبر لأنها صاحبة الشعبية والتاريخ، ومن البديهي أن يحارب “اليويفا” عن مصالحه.
وليس من الغريب أن تتعالى أصوات اللاعبين برفض النسخة الجديدة لدوري الأبطال مثلما فعل غوندوغان، وأمام كل هذا قد نجد أنفسنا أمام منافسة جديدة عاجلاً أم آجلا، أو على الأقل نسخة جديدة من “ذات الأذنين”، يحتفظ فيها الصغير بآماله، يحصل فيها الكبير على أمواله، يبدع فيها اللاعبون ويستعيد فيها الجمهور لذة المستديرة ومبارياتها المثيرة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *