لماذا يريد كومان أبقاراً هولندية وليس أبقاراً مقدسة؟


محمد بلقاسم – قبل الإعلان عن بقاء رونالد كومان مع برشلونة، كان خوان لابورتا رئيس النادي قد تعمد استفزازه بشكل واضح، حيث أعترف ببحثه عن مدرب آخر وإن لم يجد فإن كومان سيكمل عقده بشكل عادي، ووقتها سيحصل على الثقة اللازمة رغم كل شيء، الأمر الذي حدث في النهاية وفقاً لشروط فرضها رئيس “البلاوغرانا”، منها المالية وهو ما يبدو عادياً جداً، ومنها التكتيكية وهو ما يُعتبر وفقاً للأعراف الكروية تدخلاً صريحاً في عمل المدرب، وبما أن لابورتا أصر في أكثر من مناسبة على إحياء “فكر كرويف” الكروي، فإن السؤال المطروح، هل يوجد أفضل من مدرب هولندي لإحياء فكرة مدرسة هولندية؟ وهل حضور أبناء الأراضي المنخفضة سيكون من أبرز دلائل موسم ناجح في برشلونة؟ الحديث عن معايير النجاح لن يكون دقيقا إلا بعد ضبط التعداد، وفي برشلونة يبدو الأمر فوضوياً في الوقت الراهن، فـ كومان يحلم بتشكيلة أساسية تسيطر عليها أبقاره الهولندية، وبجانب دي يونغ وحتى الأمريكي ديست الذي يعتبر هولندياً من الدرجة الثانية، وبعد ضياع فينالدوم، حارب مدرب “البلاوغرانا” لأجل جلب ديباي الذي سيوقع حسب آخر المستجدات لـ 3 سنوات مع البارسا، وبعدها قد يعمل على صفقة تبادلية يعود من خلالها بيانيتش إلى اليوفي ويأتي دي ليخت إلى “كامب نو”، وإن حدث ذلك فإن بقرة “الهولشتاين” الهولندية ستجد نفسها في أرضية خصبة جدا لتقديم جبن معتق لذيذ لـ لابورتا و”الكوليز” الذين يحلمون بعودة لذة الكرة قبل لذة الألقاب في فريقهم العريق. 
كومان وعند تقديمه كمدرب لبرشلونة أدلى بتصريح مهم جدا يؤكد نظرته المستقبلية، حيث قال: “أنا هولندي ونحن نحب امتلاك الكرة والسيطرة عليها”، ولأجل إعادة مجد الكرة الشاملة في بيت النادي الذي قدمها للعالم بمفاهيم أخرى، آخرها “التيكي تاكا”، يحتاج “الأشقر” لأبناء هولندا فعلاً، والسر ما يشرحه كتاب brilliant orange لكاتبه “دافيد وينر” الذي يؤكد أن منظور الهولنديين لكرة القدم يأتي من موقفهم من المناظر الطبيعية وجغرافية البلد، حيث تعرف أراضيهم بالأراضي المنخفضة وارتفاع منسوب المياه يهدد الكثيرين هناك ما دفع المهندسين على غرار Gerrit Rietveld لوضع حسابات دقيقة جدا باستغلال المساحات، وهذا ما انعكس على كل مجالات الحياة هناك وأبرزها “الساحرة المستديرة”.
في مفهوم الكرة الهولندية المساحات هي كل شيء، حيث تحولت أفكار عالم “الهيدروليك” كورنيليس ليلي عن ضرورة تغيير الأبعاد المادية لهولندا، إلى كرة القدم عبر الكرة الشاملة التي تستند إلى فكرة “حجم ملعب كرة القدم” وكيفية جعله أكبر بالنسبة للمنافس من خلال شيء مهم وهو “الإستحواذ” ونشر اللعب على الأجنحة لإيجاد كل متر ممكن في الوسط قبل الهجوم في العمق، ولهذا السبب بالذات أصر كومان كثيرا لأجل جلب ديباي المرشح لأن يكون أحد نجوم “يورو 2020″، فهذا اللاعب وعلى غرار المهاجمين الهولنديين يتعاملون بشكل انسيابي للغاية مع المساحات، الأمر الذي تؤكده أهدافه، وتؤكده أيضاً أهداف فان باستن، فان بيرسي، فان نيستلروي وخاصة هدف بيركامب الساحر أمام نيوكاسل.
تاريخياً تعتبر هولندا ثاني بلد أجبني تمثيلا في برشلونة بـ 20 لاعبا حتى الآن، وفي الغالب يكون اللاعب القادم من الأراضي المنخفضة ناجحاً في كتالونيا، من كرويف إلى نيسكنس وكومان، مرورا بالإخوة دي بور، كوكو، كلويفرت، ووصول إلى دي يونغ، ما جعل كومان يحلم بأبقار هولندية أكثر في مزرعته الكتالونية، والتي ستنسجم حتما مع “أبقار غاليسيا” الإسبانية التي طالما تشبعت بفكر ميتشيلز وكرويف، أما ميسي فيبقى البقرة المقدسة الوحيدة التي لا تقبل المساس بها، لأن “قداستها الكروية” تأتي من إنتاجها الوفير ولا شيء غير ذلك.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *