عودة رجل العاشرة.. بين الإيجابيات والسلبيات


مصطفى محمد – من أهم مقولات المايسترو أنشيلوتي: “أنا إيطالي، لاأبالي كثيراً بالإستحواذ، إذا كنت أستطيع أن أسجل من ثلاثة تمريرات لماذا أرفض ذلك؟”.
الميستر كارلو القادم من شمال إيطاليا، العائد لأسوار قلعة الميرنغي، والذي أجمع عليه اللاعبون ووصفه ساكي بالمثل الأعلى لكل مدرب، والمدرسة المعقدة التي لا تشبه أحد في خصائصها.
يقول سامي خضيرة: “كان باب مكتبه مفتوح دائمًا لي، لم يصرخ أبدًا في وجه أي شخص، ولم يسبق لي رؤية الفريق كله يلعب من أجل مدربهم كما حدث مع أنشيلوتي، لقد أتقن قيادة الفريق تمامًا”.
لو أضفنا إلى كلام سامي خضيرة بالأعلى، غرام باولو مالديني في حديثه دائما عن شخصيته وحنكته التدريبية بجانب دموع وتحالف اغلب اللاعبين معه في الفرق التي خرج منها مقالاً، ستعرف أنك أمام مدير ومعالج نفسي بدرجة مدرب، هو النسخة الأصلية التي قدم منها زيدان، نسخة شبيهه خلال ولايته مع الميرنغي، هو الشخص الذي سيكتفي باحتساء قهوة مثلجة لتخفيف حرارة الجو، أي أن حلوله بسيطة ولكنها فعالة.
رجل يؤمن بعمودية اللعب، الوصول للأمام بأقل عدد من التمريرات وبسرعة ورتم أعلى، مرن في أفكاره من الصعب دراسته، يغير كثيرا من شكل الفرق التي يدربها في كل موسم، أو فترة بل يغير أيضاً خلال المباريات، وتوظيف أذكى للاعبين، وكالعادة الرجل لن يميل للاستعراض التكتيكي بل سيبحث دائماً عن الحلول الفعالة التي تتكيف مع متطلبات الفريق وما يتواجد لديه من عناصر لأن كرة القدم بالنسبة له لعبة غير معقدة، يأتي فيها التكتيك في المقام الثاني خلف غرفة الملابس.
يتضح هذا في قصة طريفة حدثت في كأس إنكلترا عام 2010، حيث جلس أنشيلوتي مع اللاعبين وأعطاهم الحرية الكاملة في اختيار أسلوب اللعب الذي يفضلون خوض المباراة به، وأختار وقتها اللاعبون أن يتبعوا أسلوب اللعب الذي لعب به الفريق طوال الموسم وهو الإختيار الذي كان يثق كارلو أن اللاعبين سيختارونه لكنه مارس لعبة عاطفية أدرك بها ارتياح أفراد الفريق لأسلوب اللعب.
المتوقع أن تجد الريال نسخة مشابهه لريال زيدان لكنها ناضجة أكثر، تمتلك مدرب يهتم بالخصوم ويتعامل مع مجريات كل مباراة، والأهم أنه رجل يؤمن جيداً بالجانب النفسي والإداري لذلك هو مناسب تماماً لإكمال فترة زيدان بنفس التفاصيل تقريباً لكن تظل هناك سلبية واضحة في مسيرة الإيطالي هل مازال كارلو مثلما كان في الماضي قادر على قيادة المرينغي؟
أفكار كارلو يبدو وأنها مازالت حاضرة، الرجل قادر على تقديم لمحات تكتيكية فعالة لكنه غير قادر تماما على إدارة فترات جيدة، يبدو فاقد للاستمرارية، الرجل الذي بالأساس ليس هو الأكثر مثالية للمنافسة على الدوريات كونه فاز بالدوري 4 مرات فقط خلال 21 موسم تدريبي وهو ما يثبت كون الرجل مدرباً جيداً لكنه يتعرض لفترات سقوط كثيرة تعصف بمنافسته على الدوريات كون أن تلك المنافسة تحتاج لاستمرارية قد لا يوفرها كارلو في ولايته.
اختيار يبدو مفهوم من جانب بيريز الذي يحتاج لاستمرار نفس الروح الإيجابية والهدوء في أجواء الفريق مع رجل يعشقه اللاعبون ويمتلك كل جوانب إدارة غرفة الملابس وهو في نفس الوقت الرجل الذي لا يتصادم مع الإدارات ولا يملك أي طلبات بل يعمل بأي عناصر وفي أي منظومة، يكفي أن تعرف أنه صرف أقل من مورينيو وبينيتز في موسمه الأول مع الريال، وهذا يفسر كيف أن أنشيلوتي خيار ممتاز لبيريز في أنه غير متطلب و لن يتدخل في تغيير سياسته العشوائية في إدارة الفريق.
ختاماً، لو أن أنشيلوتي لا يزال يمتلك ملامح من نسخته الذهبية بالماضي، فسيكون في أفضل أحواله استكمالاً ناجحاً لفترة زيدان، مشاكل أقل، التفاف وترابط من اللاعبين، فريق فترات سيهتم بكل فترة ومتطلباتها لكنه لن يقوم بالثورة المتوقعة بالفريق ولن يؤسس لمنظومة جديدة، بل سيحاول كما أعتاد دائماً أن يقدم المطلوب ويفوز بما لديه من عناصر.
عودة رجل العاشرة، قد لا يكون خياري المفضل، ولكنه قد يكون أفضل خيارات بيريز السيئة والمتوفرة حالياً.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *