منتخب مصر لكرة اليد.. لقد وصلنا إلى هنا لنحلم!


مصطفى محمد – بعد مباراة ماراثونية قدمها المنتخب المصري لكرة اليد أمام ألمانيا المميزة على صعيد التاريخ والفنيات بدا واضحاً للجميع أن وصول منتخب مصر لهذا المستوى لم يكن مجرد طفرة عابرة بل مشروع يستحق الاهتمام والدراسة.
بالعودة إلى عام 1992 حيث كان حسن مصطفى رئيس الاتحاد الدولي الحالي لكرة اليد أول من وضع جذور ذلك المنتخب العظيم عندما كان رئيساً للاتحاد المصري لكرة اليد في ذلك التوقيت حيث أتخذ قراراً تاريخيا بالتعاقد مع المدرب الألماني باول تيدمان برفقة جمال شمس لبناء جيل جديد لكرة اليد المصرية وفقاً لخطة ومشروع تم إعداده بشكل مسبق مع توفير ميزانية جيدة لدعم هذا المشروع.
بدأ تيدمان العمل بصلاحيات أكبر ولاحظ معاناة منتخب مصر في نقص اللاعبين اللذين يستخدمون اليد اليسرى لذلك بدأ بوضع قاعدة مؤقتة في بطولات الشباب أن تسجيل الهدف باليسار يساوي هدفين لتشجيع الشباب على استخدام اليد اليسرى ثم وضع سن أقصى للإعتزال الدولي لبناء جيل جديد من الشباب وظهرت النتائج سريعا مع الفوز ببطولة أفريقيا على حساب منتخب الجزائر ثم حصد ذهبية دورة الألعاب الإفريقية ثم بدأت ملامح جيل جديد تظهر في سماء كرة اليد المصرية مع جوهر نبيل وعبدالوارث والروبي والنقيب وغيرهم اللذين أحتلوا أفريقيا وأنطلقوا للعالمية.
كانت تلك هي النواة التي بدأت بها مصر مشروع كرة اليد والذي عانى من فترات صعود وهبوط على مستوى النتائج والمدربين لكن أستمرت كرة اليد المصرية في إنتاج المواهب وفتح خطوط الاحتراف مع الوقت ليصبح 90% على الأقل من قوام المنتخب الحالي للاعبين محترفين في دوريات عالمية في فرنسا والمانيا وإسبانيا وأيضا مع تراجع شعبية كرة القدم المصرية بدأ يلتفت الكثير من المشجعين في مصر لكرة اليد وممارسة الضغط على أنديتهم لبناء فرق قوية مع مدربين كبار للمنافسة على الألقاب مما عاد بالإيجاب على المنتخب المصري.
كانت الخطوة الأهم هي تسليم القيادة الفنية للمدرب روبيرتو جارسيا باروندو صاحب لقب دوري أبطال أوروبا مع فاردار المقدوني  الذي زرع هوية فنية أستغل خلالها كثرة المواهب المتواجدة لدى منتخب مصر وفرض النظام والإنضباط على أفراده، وزرع ثقافة الفوز في عقلية لاعبيه قبل الفنيات حيث يردد كثيراً أمام لاعبيه كلمات: “علينا أن نحلم دوماً لأننا وصلنا إلى هنا لنفوز” لينجح في الفوز ببطولة إفريقيا في عام 2020 وقيادة منتخب مصر إلى سابع العالم بعد خسارة بصعوبة بالغة أمام الدنمارك ثم الوصول لدور نصف النهائي في الأولمبياد لأول مرة في تاريخ مصر والعرب في كرة اليد في إنجاز تاريخي مذهل.
يبدو أن صناعة المنتخب المصري لكرة اليد لم يكن إلا مشروع عظيم وصل إلى محطته الأخيرة تحت قيادة باروندو في منتخب يحتل الشباب جزءا كبيرا من قوامه ومع كل ذلك لن تتعجب أن الإتحاد يستعد الآن لإعداد معسكرات جديدة لبناء جيل آخر جديد من الشباب لقيادة مستقبل المنتخب كما أن منتخب اليد نجح في جذب شريحة عظيمة من الجمهور لمشاهدته مما أدى إلى توحيد صفوف الجمهور المصري وخلع رداء التعصب والحصول على دعم كل الدول العربية لمنتخب عظيم يستحق الوصول لميدالية تتوج مجهوده الرائع في البطولة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *